الإدارة الايجابية للاختلافات

 

تتعرض جميع العلاقات الإنسانية سواء كانت شخصية أم مهنية إلى نوع من الصراع والخلاف وهذا يبدو أمرا طبيعيا تحكمه اختلاف الثقافات والمستويات الفكرية والمهنية والاجتماعية، بل وفي بعض الاحيان يعد الاختلاف وسيلة لاستمرار التطور والنمو الايجابي للمؤسسة أو المنظمة،، والمدار هنا هو كيفية إدارة الاختلاف بحث يمكن تسخيرها للمصلحة العامة للمنظمة أو المؤسسة.

جرت العادة على النظر إلى الخلاف في مواقع العمل بوصفه شيئا سلبيا يجب تجنبه باعتباره سلوكا غير مرغوب فيه ويعد سمة مميزة للأشخاص الذي لا يمكنهم العمل مع الاخرين ولا يمكنهم الانظمام الى فريق عمل، أو التجانس والانسجام مع غيرهم.. أما اليوم فقد تغيرت النظرة الادارية إلى الخلاف بشكل كبير – حيث يقول خبراء الإدارة ان الاختلاف أمر عادي وطبيعي ويمكن النظرة الى الاختلاف بأنه عنصر فعال في الاتصال بين الافراد إذا ما تم التعامل معه بشكل جيد بحيث يمكن تسوية الخلاف بما يحقق نتائج مبتكرة لمصلحة المنظمة..

الجوانب الايجابية للاختلاف:

يقول الاستاذ/ جيري ويزينسكي صاحب كتاب تسوية الخلاف في العمل " إن الخلاف يمكن أن يساعد في اقامة العلاقات.. قد يبدو هذا الامر متناقضا ولكنه حقيقي.. ففي اثناء محاولاتك للتعامل معه، يمكنك أن تدعم علاقتك برؤسائك وزملائك وموظفيك، فعبر المزيد من المناقشات قد يتم تفسير الانطاباعات السلبية الاولى والمشاعر السيئة على نحو مختلف وغالبا مايؤدي ذلك إلى تغيير نظرتك للاخرين ونظرة الاخرين لك"

كما يقول السيد ويزينسكي أن الخلاف يكون حافزا للتغيير” فقد تنظر إلى داخلك بعمق أثناء عملية إدارة خلافاتك ومن خلال هذا الفحص الشخصي يمكنك أن تحدد سمات سلوكية معينة في مهاراتك الاتصالية وقد يؤدي إلى تغيير فعال في سلوكك الشخصي في الاتصال”.

أهمية التعامل مع الاختلاف:

إدارة الاختلاف هي إحدى المهارات السلوكية التي ينبغي تنميتها لدى العاملين في المنظمات سواء كانوا مدراء أو موظفين أو عمال أو قادة لفرق لأن القدرة على ادارة الاختلاف بفاعلية تعد عنصرا حيويا في النجاح الشخصي والمهني وذلك للأسباب التالية:

1.  إدارة التغيير: تتغير المؤسسات والمنظمات بمعدل اسرع مما مضى فالبعض تزيد من حجم نشاطاتها، والاخرى تقلص منها مما  يستدعي التغيير كإعادة تنظيم المؤسسة وتطبيق سياسات جديدة ويشكل عادة مقدمة لانواع عديدة من الاختلافات.

2.  تفهم الاختلافات الثقافية نظرا لتغيير التركيب الديموغرافي لأماكن العمل وخلفية العاملين متعددي الثقافات، فإن القدرة على تقبل وتفهم القيم الثقافية المختلفة والتفاعل الايجابي مع الاختلافات الناتجة تصبح أمرآ مهمآ.

3.  لكي يصبح الانسان عضوآ او قائدا فعالآ للفريق لا بد من التركيز المكثف على عملية بناء الفريق وتسوية الاختلافات في الفريق بحيث يمكن الخروج بمحصلة جيدة وتحقيق الهدف المطلوب من تشكيل الفريق.

كيفية ادارة الاختلاف:

كما أسلفنا فإن الخلاف أمر حتمي ولكن المدار الحقيقي هو على طريقة التعامل معه وقد ذكر علماء الادارة خمسة خيارات لإدارة الخلاف اوردها كما يلي:

1.    التنافس ( مكسب/ خسارة)

التنافس كمدخل للصراع هو محاولة للسيطرة الكاملة فهو موقف يحصل فيه الفائز على كل شيئ، ويكون الفوز في الصراع هو الهدف وليس البحث عن افضل حل مناسب لجميع الاطراف ويعتمد هذا الاسلوب على القوة حيث تستخدم أي قوة تعتقد أنها متاحة لكسب الناس إلى جانبك بما فيها القدرة على المجادلة والجزاءات المالية، وقد يكون هذا الحل مناسبا في اوقات الضرورة القصوى لعمل المنظمة عندما تكون السرعة والعمل الحاسم ضرورة.

2.    التكيف ( خسارة/ مكسب)

التكيف هو عكس التنافس وتكون لدى الانسان الرغبة في التخلي عن موقفه أمام أي شخص آخر، ويتخذ هذا الاسلوب للتغلب على الاختلاف لكنه تطبيق غير سليم لأنه يعني العدول عن محاولة تسوية الاخلاف وتفضيل تفادي أي موقف غير سار محتمل الحدوث، وقد يكون مناسبا استعمال هذا الخيار عندما يكون الحفاظ على العلاقات أكثر أهمية من موضوع الخلاف.

3.    التفادي ( خسارة/ خسارة)

عندما يشتعل الجدل ولا يبدو أنه سيتم التوصل لحل أو وصل إلى طريق مسدود، فإن التفادي أو الابتعاد مؤقتا يعطي لكل طرف وقتآ لكي يهدأ... أي إنكار وجود المشكلة مؤقتا وعندما يتم استخدام اسلوب التفادي فإن الطرفين سيخسران شخصيا وعمليا لعدم قدرة أي منهما على التعامل مع الخلاف.

4.    التسوية ( مكسب/ خسارة)

تنطوي طريقة التسوية على ايجاد حل وسط لحل النزاع وايجاد صيغ توافقية وسيضطر كل من اصحاب الخلاف على التنازل عن جزء ممايريد وعندما يتم استخدام هذا الاسلوب فهذه إشارة إلى المحافظة على العلاقات البينية وايجاد ارضية مشتركة للاتفاق، ويستخدم هذا الحل غالبا عندما يكون الخلاف يمر في ظروف صعبة للمنظمة أو في ظل ضغوط الوقت.

5- التعاون ( مكسب/ مكسب)

يعد أسلوب التعاون الايجابي أفضل أساليب إدارة الاختلاف ولكنه اصعبها وعند تطبيقه يكون الاهتمام بكل من القضايا والعلاقات على حد سواء وهو أسلوب يجمع بين التعاون والحزم، وهو محاولة لايجاد مناخ يتيح لكل من طرفي الخلاف دراسة وجهة نظر الطرف الاخر وفهمها ويشار إلى هذ االاسلوب بالعبارة ( مكسب/مكسب) لانه ينطوي على تحديد مناطق الاتفاق وتحديد مناطق الاختلاف وتقييم البدائل واختيار الحلول التي تحظى بدعم والتزام الطرفين، ويتطلب هذا النوع المحبذ جوا من الثقة والرغبة المتجددة عند الطرفين لحل موضوع الاختلاف وتقبل الطرفين في تقدير مشاعر الاخرين، ويتميز هذا الاسلوب في حال نجاحه إلى التوصل إلى جذور المشاكل التي تعرقل سير عمل المنظمة على مدى فترة زمنية طويلة.

بالاضافة إلى كل ذلك يصنف علماء الادارة نماذج اتصالية لتسوية الخلافات يمكن تطبيقها و يضيق المقام لذكرها مفصلا الان و تتركز على المهارات التحليلية في حلول المشاكل، وتوظيف مهارات الحديث والانصات وإعادة الصياغة، والاستماع التفاعلي وطرق التعامل السلوكي مع غضب الاخرين.

مما ذكر يتبين لنا أن إدارة اختلافاتنا بفاعلية ومعالجتها بالطرق الموضوعية العلمية، والتعامل الايجابي معها يساعد في ضمان تحقيق أهداف المنظمات والمؤسسات في تأدية رسالتها التنموية ورؤيتها الاستراتيجية،، والله من وراء القصد

الرئيس الفخري لجمعية القطيف الخيرية