بطلة رواية!

صراعي مع بطلة روايتي في محاولة اقناعها للتخفيف من طموحاتها الجامحة التي افقدتها الكثير.

”كفاية“ هل توقفت يومًا لتفكري فيما فقدته؟

سألتها بصوت خافت يخترق جدار صدري، ليهمس لها خلف الكلمات التي أكتبها.

ابتسمت ابتسامة نصفها تحدٍ ونصفها تعب، نظراتها توحي باللوم.

كنت أراقبها وأنا أكتبها، أراقب كل خطوة تخطوها في عالمها الذي رسمته لها، وأشعر بثقل المسؤولية يثقل قلبي، لقد أطلقت العنان لطموحاتها، رفعت سقف أحلامها إلى مستويات لم أكن أعلم إذا كانت قادرة على حملها، وكل يوم يمر، أرى كيف أصبح التمرد جزءًا من روحها، كيف تحولت إلى كائن لا يمكن ترويضه.

أشعر بالذنب، أشعر وكأنني حملتها فوق طاقتها، وكأنني أنا من زرعت في قلبها نارًا لا تهدأ.

وأحيانًا أجد نفسي أتساءل هل فعلت الصواب؟ هل كان يجب أن أضع حدودًا لها، أن أخفف عنها طموحاتها؟ لكن حين أراها تقف شامخة، عينيها تتوهجان بالحلم، أشعر بفخر لا يختلطه شيء.

ورغم ذلك، لا أستطيع أن أنكر الخوف الذي يعتصرني أحيانًا، خفت أن تتعثر، أن تنهار تحت ثقل أحلامها، لكنني أعلم في قرارة نفسي أن هذا هو مصيرها، هذه هي الطريقة التي ستصقل بها شخصيتها.

وأحيانًا أجد نفسي أتصنت إلى صمتها، إلى هدوء لحظاتها الخاصة، وأحاول أن أقرأ ما لا يُقال.

هل اكتشفت ذاتها وحدها؟

فأجد نفسي أكتب عنها بحذر أكبر، كأن كل كلمة تحمل مسؤولية أكبر من الكلمات نفسها، أفكر، إن غرقت في خطأ، هل سيكون قلبي وحده من يتألم، أم أنها ستغرق معه؟ ومع ذلك لا أستطيع أن أضع لها حدودًا.

كيف لي أن أقيد روحًا وُلدت لتتمرد؟ كل حدود أضعها تتحول إلى قيود على نفسي، على حريتي في أن أكون شاهدة على حكايتها، على قوتها.

وفي اللحظة الأخيرة، حين شعرت بأن كل شيء بدا واضحًا، هي تلك اللحظات التي ارتعشت فيها أصابعي وسقط القلم على الورقة،

رأيتها تبتسم بلا وعي مني، وكأن العالم كله يرقص معها، وكأنها تعرف سرًا لم أفهمه بعد، أدركت أن حبي لها لم يكن امتلاكًا، بل شهودًا، وأن فخري لم يكن غطرسة، بل تقديرًا للتطور في شخصيتها، وأن ذنبي لم يكن عبئًا، بل مرآة لكل لحظة شعرت فيها بأنني إنسانة صغيرة أمام عظمة من أحب أن أكتب عنها.

تعيش معي في كل لحظة، تزاحم أفكاري تتغلب علي في مشاعري، تفرض وجودها في كياني، فكرة تلوى أخرى توقظني من نومي، لأسقطها على أوراق روايتي،

ومع كل نفس أخذته، شعرت بأن صدري يخف، دون خوف، دون كلمات تختنق.

وفي تلك اللحظة، كان الصراع قد انتهى، لكن الدهشة بقيت، دهشة.