التعليم المدمج: تصورات الرقمنة وانحسار دور المعلم

كل شيء يبدأ بالتصورات، والتصور يبدأ صغيراً ثم يكبر ويتطور، فيحيل الحياة إلى: رفاه وازدهار أو جحيم ودمار، وتلك هي الحكاية باختصار.

والإنسان في هذه الحياة ليس حجراً، تنقش على ظهره ما تريد دون أن يكون له دور أو أثر. لذا يظهر في هذه الحياة دور الإنسان كفاعل إيجابي أو سلبي تجاه احتياجاته لتجويد وصقل وتنقيح وإثراء تصوراته باستمرار، ليحظى بتصورات واضحة «غزيرة، مشبعة، غنية، دقيقة» عن واقعه ومستقبله وعن تاريخ البشر، ليتسنى له أن يستفيد من وضوح رؤاه وتصوراته في بناء نجاحه في حياته ونجاح أمته ووطنه.

ولا بد هنا، من الأخذ في الإعتبار، أن الماضي والحاضر والمستقبل، وهي مفردات الحياة من المبدأ للمنتهى، كلها كمادة خام للتأمل والتصورات يمكن الإستفادة منها في تعزيز جودة الحياة، وهي تكتنز داخلها الكثير من الثراء، لكنها تظل رهينة ما نصنعه نحن، أو ما نحصل عليه منها من تصورات، في نهاية كل تجربة من تجاربنا في هذه الحياة، نتيجة تفاعلنا معها إيجاباً أو سلباً، ذهنياً أو ذهنياً وواقعياً.

وتلك التصورات النهائية، التي نصنعها أو نكتسبها ونحصل عليها جراء عمليات التصور الذهنية، تظل في صورتها كمعرفة نكتنزها، رهينة مفردات المعلومات - بكافة صورها - التي نكتسبها أو نحصل عليها من محيطنا وما تعرضنا له، كما أنها تظل رهينة أيضاً لتحليلنا لتلك المعلومات ولمعالجاتنا الذهنية العقلية والمنطقية لها. ومن هنا من هذه المفاصل والمفردات التي تمر بها عمليات صناعة التصور، يمكن تتبع تسلسلات الوعي الإنساني، من خلال فهمنا لطبيعة تلك التصورات كمخرجات لمدخلاتها وتشكلها وتكونها والظروف والملابسات التي تسيرها وتحكمها.

وفي النهاية، نحصل على التصور، ويكون التصور الصحيح للماضي والحاضر والمستقبل، بلا شك ضرورة ملحة لنا كبشر في مسيرة الحياة، صانع لوعينا تجاه الحياة ومحدد لمسيرات الفشل والنجاح، أخذاً في الإعتبار أن تصوراتنا التي ولدت من تراكم المعلومات والخبرات التي يتم قبولها وتبنيها أو معارضتها ورفضها، قد حول تلك التصورات لنقاط إرتكاز في الحياة كعقائد أو أيديولوجيات ومباديء، تحكم حتى تصوراتنا اللاحقة - وهنا تكون الرغبة في الثبات والإنتظام وصناعة المرتكز صانعة مأزق الكثيرين، وموقع الخطر، كما النجاح تماماً -، وبالتالي فتصوراتنا تعبر بالتالي عن حجم ونوع ومقدار وعينا وفهمنا للواقع. وبوعينا ذاك المبني على تلك التصورات نبحر بسفن وعينا بعيداً عن كثير من المآزق والمخاطر أو نقع فيها، وهنا تكون التصورات الصحيحة بالنسبة لحياتنا، هي الحياة، وهي روح وجوهر ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، الذي يغذي حركتنا، وبدونه نموت ويموت الماضي والحاضر والمستقبل، ويوؤد الحلم والطموح والرجاء وتضيع المسيرة.

وإذا اتضحت في أذهاننا حقيقة مقتضاها أنه لابد أمام كل مفردة من مفردات هذه الحياة، من تصور نصنعه أو نكتسبه، فحتماً سيضعنا كل تصور أمام تحديات معرفية وسلوكية أو منجزات وفتوحات، وفقاً لمقتضيات جودة التصورات. ومن تلك المفردات الضرورية، التي تحتاج منا اليوم لجودة التصورات لنواكب العصر، مفردات: المعلم والمتعلم والتعليم، التي تصنع ثالوث التعليم، والتي تحتاج منا لتصورات حديثة باستمرار تواكب الحياة وتطوراتها وتصنع نجاحاتها، في زمنٍ بات فيه التعليم يتحول بسرعة مفرطة، نشهد في ظلها التحول المتسارعة للتعليم ليكون تعليماً مدمجاً، وهذا النمط التعليمي بلا شك من التحولات العالمية الهامة، التي يجب أن نواكبها ونعيها ونستقرؤها وندركها، والتي سترسم لنا نمط تعليم المرحلة المقبلة من مستقبلنا كبشر على كوكب الأرض، قبل أن تهاجر بنا التقنيات لعالم أعقد وأعظم وأخطر، باتجاه زراعة الشرائح الدماغية كبديل لعمليات التعليم التقليدية التاريخية والمعاصرة، أو ما هو أعظم وأخطر.

وهنا اليوم، عندما نقف في الحاضر أمام ثالوث المعلم والمتعلم والتعليم، يغدو نجاحنا البشري ككرة تتقاذفها أضلاع هذا المثلث الثلاثة، لترسم لنا خارطة طريق نجاحنا البشري بناءً على جودة وغزارة ودقة تصوراتنا لمفردات هذا الثالوث ومواقعها من الحياة، خصوصاً في حياتنا المعاصرة ومآلاتها.

وبالرجوع للتاريخ البشري على كوكب الأرض وما مر به من تبدلات وتحولات معرفية لفهمه أولاً كمدخل لفهم الحاضر والمستقبل، فلا شك أن الحياة البشرية قد مرت بمراحل تطور وتحول مختلفة فيما يخص تصوراتنا كبشر لمفاهيم التعلم والتعليم، أعيد فيها رسم الوعي والتصورات البشرية باستمرار. وعبر الإنسان الطريق عبر مسيرته التاريخية بوعي وتصورات محدودة تشوبها الأخطاء والمغالطات وتحدها حدود ضيق المعرفة وقلة العلوم في العصور القديمة التي سبقت التكنولوجيا، لكن البشرية تقدمت في النهاية وتطورت رغم العقبات، ورغم محدودية الفكر والتصورات البشرية التاريخية والتقليدية.

لقد أظهر البشر أفراداً وأمماً وشعوباً منذ القدم، وعياً مبكراً بأهمية وضرورة العلم والمعرفة والتعليم والتعلم، وحاجة البشر لتناقل المعرفة لتجويد تصوراتهم عن الحياة، ليصلوا بجودة التصورات لجودة الحياة ونجاحها وأمانها وديمومتها.

فتصور البشر المعرفة، كالسراج المنير، القادر على أن يضيء للبشر سماءهم المظلمة بظلمة كل شيء سيء يمكن أن يحصل لهم ومن حولهم في هذه الحياة، بنور الوعي، والقادر على أن يزيح عنهم ما يمكن أن يجلبه لهم جهل الإنسان والإنسانية، وأن تصنعه قلة المعرفة والتصورات الخاطئة، باستبداله لها بالتصورات الصحيحة.

وقد اختلط ذلك الوعي الضروري، بالقداسة الدينية تارة، وبقي في تصورات أخرى منفرداً، محتفظاً بقداسة العلم والمعرفة المرتبطة بنجاحات هذه الحياة وإنجازاتها فحسب. وكان لكل ذلك تأثيرات وتبعات مهمة وخطيرة، يمكن البحث فيها في محاولات فحص وقراءة أخرى، خارج سياق هذه المحاولة.

لقد كان العلم والتعلم عملية مقدسة دينياً و/أو حياتياً منذ القدم، بل إن أهمية المعرفة والتعلم قد ساوت عند الإنسان بل ربما تفوقت على أهمية غذائه ودوائه الضروري للحياة. فالمعرفة والوعي، هي صانعة الغذاء والدواء والحرب والسلام والمأوى والأصدقاء والأعداء، وكل شيء في هذه الحياة، فكيف لا يمكن أن تكون أهم منها.

لكن، بعد وعي الإنسان بضرورة وأهمية التعلم والتعليم، فمن سيركل الكرة هذه المرة، لتحقق الكرة أهدافها؟ وليرتقي الإنسان مراتب أخرى؟.

إن وعي بعض البشر أو الكل بضرورة التعلم والتعليم، لا يعني بالضرورة أننا كبشر سنتحرك حركة متناغمة في واقعنا البشري باتجاه تحقيق التعلم المطلوب وتفعيله، إلا إذا تحول الوعي واقعاً لفرز واقعي وآليات وممارسة.

لذا هنا، كان لا بد أن يظهر دور المعلم، ليركل المعلم كرة الوعي باتجاه المتعلم، فيتحقق التعلم، ويكتمل ثالوث أو مثلث التعلم، فتقفز البشرية في نجاحاتها المتتالية، عبر جودة تصوراتها للتاريخ والحاضر والمستقبل.

وفي البدء، ظهر هذا المثلث ضمن بيئات بدائية فقيرة معرفياً ذات أدوات بدائية ووعي وتصورات محدودة، وكان للتعليم فيها، طقوس وأهداف خاصة، ضمن نطاقات وعي ومعرفة محدودة، حكمها الزمان والمكان وأدواتهما ووعيهما.

فكان من طقوس التعليم في ذلك الزمن القديم، أن يمسك المعلم بالعصا، وأن يمارس الضرب والجلد، لتتحقق عملية التعلم، التي أدركت البشرية أهميتها وضرورتها. وأخذ التعلم صانع المعرفة والوعي في بعض المجتمعات القديمة أو الكثير منها، صورة التعليم الديني، المحصور عن باقي أجزاء الحياة بنسبة ما، بل والمتناقض معها أحياناً بقسوة في بعض الشعوب والأمم.

ولا شك، أن بعض أشكال ذلك التعليم في الزمن الماضي، بل بلا شك حتى في زماننا الحاضر، قد شكلت ولازالت تشكل حتى اليوم، صوراً من صور التجهيل والتدمير المعرفي والنفسي، لا التنوير والتطوير.

لكن التعليم في النهاية، بغض النظر عن تلك الملابسات، حتى في صورته البدائية، قد أسهم عموماً بصورة أو بأخرى، عبر صورتيه النظرية والعملية، في رقي وتطور الشعوب في المجمل، وإن كانت بعض تبعات ذلك التعليم البدائي القاسية حاضرة وفاعلة حتى اليوم.

وهنا، يمكننا القول، أن التعليم يصنع الحياة، وأدواته وأهدافه تتطور وتتقدم وتتحسن باستمرار، لذا فالتعليم باقٍ وممتد، وإن شابه ما شابه في الماضي أو الحاضر.

إن ممارسات الضرب والجلد واستعمال العصا ومعظم ما فيه شواهد جهل وظلم وتخلف من تراث الماضي أو ضروراته في ممارسات التعليم، قد رحلت، أو قد بدأت ترحل، في مختلف أرجاء المعمورة.

أما المعلم وهو أحد أضلاع العملية التعليمية المهمة، فهو باقٍ حتى اليوم ليركل الكرة، لم يرحل بعد. فهل المعلم ضرورة أبدية لا ترحل أبداً يا ترى مهما تقدمنا علمياً وتقنياً؟ أم أن دوره المعهود مرحلي فقط، سيطويه التاريخ، فيتقلص ويقل؟ أو ينتهي مع تطورنا البشري فيرحل؟.

ندرك جميعاً، أنه لا بد من متعلم ولا بد من تعلم، ويقع في المنتصف بينهما المعلم كوسيط - ووزارات التعليم في هذا الزمن هي اللاعب الجوهري لهذا الدور -، لتتحقق عملية التعلم. والمعلم يعلم ويرسم أهدافاً ويحدد مساراتٍ ويضع خطوطاً وخططاً ويفعل أدوات... الخ، وفي النهاية تتحقق الغاية المقدسة، وهي المعرفة والوعي والتصورات الصحيحة والمنطق المحكم، صانعة حضارة الإنسان.

وهنا سنعود لنتساءل: إذاً هل يمكن إلغاء دور المعلم، أو الحد من دوره المتعاظم في الأمم والشعوب، كي لا يكون عبئاً إقتصادياً أو عبئاً زمانياً أو مكانياً، على عمليات تعلم وتطور الأفراد والأمم والشعوب.

في الحقيقة، ما نملكه اليوم من أدوات تقنية متقدمة جداً، يملك الجواب. وقد بدأ في فرض الإجابات الزمكانية على أرض الواقع.

لقد تقدمت البشرية تقنياً ومعرفياً، وتقدم وعيها بطبيعة العلاقات التي تربط المتعلم بالتعلم عبر المعلم، ومع تطور أدوات المعرفة المعاصرة وقوالبها المتاحة ومن أهمها شبكات الإنترنت وتطبيقاتها والأجهزة الرقمية التي تدير تلك العمليات الرقمية وتتيحها وتيسرها، بدأ يتعاظم دور التعلم الذاتي والتعلم الذاتي الموجه، وبدأ يظهر جلياً أن دور المعلم التاريخي كلاعب رئيس ضمن مثلث علاقات التعلم، قابل للإنحسار والتشذيب والتطوير، شاء من شاء وأبى من أبى. فهناك عبيء كبير على كاهل تمويل عمليات التعليم يريد أن يتقلص وينحسر، لصالح تطور عمليات التعليم، وفق مقتضيات العصر، وعبر مراحل وخطوات تحول يجب علينا وعيها ومحاولة قراءة واستقراء صورها جيداً.

إن الحديث في الغرب عن التوظيف بناء على الكفاءة لا الشهادة، لم يأت من فراغ. كما أن ظهور التعليم الرقمي، والتعليم المدمج، ليس عبثاً ولا يجب أن ينظر له كذلك. فهذه كلها مفردات وملفات وملامح التطورات الحاصلة في التعليم في عالمنا المعاصر اليوم، التي لم يدركها الكثير من العامة بعد، ومرت على مسامع الكثيرين منهم مرور الكلمات العابرة، أو أنها لم تمر على مسامع البعض منهم بعد.

وتلك حلقة مهمة جداً من حلقات الوعي والتطور البشري، التي يجب أن نجود تصوراتنا لها، لنعيها وندركها جيداً.

لقد إنطلق التعليم المدمج عبر العالم في عدة بقاع، وعبر عدة أساليب وأدوات. وأعلنت المملكة العربية السعودية عن هذه التحولات رسمياً في هذا العام 2021 م. وقد لا نحتاج في المستقبل القريب أو البعيد نسبياً للمعلم كمعلم «كما كان في دوره التقليدي» كما عرفناه، ما قد يفرض تقلصاً في الأعداد، وتبدلاً في الأدوار، وتحولاً في الأدوات. ويجب أن ندرك ونعي ونتصور ونتابع ذلك جيداً، ونتهيأ جميعاً له.

إن من طبائع البشر، في وجه كثير من التغيرات والتحديات، التي تطال ما ألفوه وما اعتادوا عليه وما التصقوا به في حياتهم، الإنكار ثم الإنكار والرفض والممانعة، قبل القبول والتقبل والإذعان مهما كانت الحقائق واضحة ومعلنة. وهذا يضر بوعينا البشري كثيراً. وقد يعيق ويؤخر بعض مسيرات التطور البشري، ويخرجنا من دوائر التناغم معها إلى أجلٍ مسمى أو غير مسمى.

ولا بد هنا، من الإشارة إلى أنه، مع إنطلاق مسيرة التعليم المدمج، تتعاظم بعض المسؤوليات الفردية «دور الفرد تجاه نفسه، ودور الأسرة تجاه أبنائها»، وأيضاً تبرز الحاجة لسد بعض فجوات الخلل، التي قد تتولد نتيجة تغير الأدوات والممارسات والآليات، كحاجة المجتمع أكثر للإلتفات للأيتام ومن هم في حكمهم في بعض العوائل الضعيفة... الخ، كونهم أقل قدرة أحياناً على التكيف مع بعض التحولات والمتغيرات.

إن التعلم الذاتي، بما يجب أن يتحقق فيه من شغف التعلم هو النجاح الحقيقي في عمليات التعلم والتعليم بوجه عام، خصوصاً إذا تحول إلى تعلم ذاتي موجه، يردم الفجوة بين المتعلم والتعلم التي يسدها عادة دور المعلم التقليدي ودور وزارات التعليم المعهود حتى اليوم.

إن التعلم الذاتي الموجه يحول المعلم من مجرد وعاء معلومات ومعرفة مقدم وميسر لها، لناظم لعمليات التفكير والتعلم الذاتي لطلابه وموجه لها ولهم بما يتوافق مع احتياجات البشرية وحاجات سوق العمل، مستثمر للتقنيات الحديثة وأدواتها وفرصها، وهذا هو الدور الحقيقي الأمثل للمعلم ولوزارات التعليم المطلوب حديثاً في هذا العصر، في ظل تطوراتنا البشرية التقنية المذهلة.

ولا شك أن منجزات البشرية التقنية والعلمية ما فتئت تطرح نتاجاتها وأدواتها التي سهلت ولازالت تسهل عمليات التعلم الذاتي، منذ اختراع الورق وقبله وصولاً إلى اختراع الحواسيب والإنترنت وما بعدها، ولازالت التقنيات تتسارع، والتعلم الذاتي يتطور ويتضخم، لتقول لنا مخرجات التقنية أن مركزية المتعلم في التعليم هي الخيار الأول والحل الأمثل، وأن التعلم الذاتي الموجه هو المستقبل، لكنه طبعاً لن يكون بمنأى أو بعيداً عن المسؤولية، ولا عن الدور الناظم الذي يجب أن يطلع به المعلمون وتطلع به وزارات التعليم في المستقبل.

وهنا في ظل هكذا تصورات لمآلات التعليم، هل ستبقى أعداد المعلمين في مقابل أعداد الطلاب كما كانت في الماضي، أم أن النسبة قد تتغير بسبب عوامل التقنية والرقمنة؟ وهل سيكون دور المعلم محصوراً في التوجيه والتنظيم لعمليات التعلم كناظم لها فحسب، كما نتصور؟ أم أن دوره سيبقى تماماً كما كان في الماضي كوعاء معرفة مقدم لها وميسر لتحصيلها؟ أم أن دوره سينحسر أكثر مما قد نتصور؟ وإلى أي مدى سنتجه باتجاه التعلم الذاتي والشغف بالمعرفة وبناء المسؤولية، وتقليص أعداد المعلمين، ودور أو أدوار وزارات التعليم؟.

في الحقيقة، يجب أن ندرك أن الإنترنت والتقنيات الحديثة باتت تعيد تشكيل واقعنا بشكل متسارع جداً، كما أنها هي حالياً من يجيب وبشكل واضح، على كل ما طرحناه هنا وما يمكن أن نطرحه من تساؤلات أو أسئلة.

وما العنوان العريض «التعليم المدمج» إلا إجابة واحدة من الإجابات التي نسمعها وسنسمعها، وسمعها المتابعون الجادون للمتغيرات العالمية قبلنا بسنوات، وهي تمد أطرافها متهيئة ومتشعبة ومتوسعة في أرجاء هذا العالم، لتزيد كثافة وجودة التعلم الذاتي في التعلم النظامي والرسمي. وقد كانت هناك استراتيجيات تطبق في مدارسنا منذ سنوات، تتمركز حول محورية ومركزية دور المتعلم، تهيء للتعلم الذاتي المبني على التقنية وبدائل تعليمية أخرى، وعاها وأدركها من وعاها وأدركها من الواعين.

وهذا، جزء يسير من الحديث والتأمل في هذا الركن المهم من أركان تحولاتنا التعليمية المعاصرة، ومتغيرات عالمنا اليوم، التي يجب أن ندركها وأن يسلط عليها الضوء ليعيها الجميع، فالوعي بها يزيح التحديات ويصنع تصوراتنا المطلوبة لحاضرنا ومستقبلنا، لنفهم واقعنا وواقع أمتنا ومستقبلنا ومستقبلها، ولنسير بالوعي والتصورات الصحيحة المواكبة للحاضر والواقع، فيتلو التصورات الصحيحة النجاح والتسديد والتوفيق وواقع أفضل.