نكران المعروف
قال الله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾،
وقال أيضًا: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
ما دعاني للكتابة في هذه الزاوية الإنسانية والاجتماعية المهمة والمتعلقة بظاهرة نكران المعروف، هو تجربةُ رجلٍ وقورٍ كبيرٍ في السن تركت أثرًا نفسيًا عميقًا فيه.
فقد كنت قبل أيام قليلة في ضيافة أحد الأصدقاء، وكان في المجلس رجل مسن. سأله أحد الحضور عن أحواله، فردّ بخير والحمد لله، ثم تنهد وقال: ”ماذا أفعل مع بعض من ينكرون المعروف؟“
ثم بدأ يروي لنا قصته المؤلمة مع أحد جيرانه، وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وارتجف صوته من شدة الحزن والأسف. يقول إنه خدمهم أكثر من عشرين عامًا دون كلل أو ملل، وقدّم لهم خدمات لا تُعدّ ولا تُحصى، وكأنهم جزء من عائلته. لم يرفض لهم طلبًا، ليلًا أو نهارًا، حرًا أو بردًا، وكان احتسابه لله وحده.
القصة على لسانه باختصار:
حين سكنت في منزلي الجديد قبل أكثر من عشرين سنة، جاورتنا عائلة لم نكن نعرفها. لكن بحكم تربيتنا الدينية والاجتماعية، سعينا لبناء علاقة طيبة معهم، كما أوصى رسول الله ﷺ بالجار حتى ظن أنه سيورّثه.
اكتشفنا أن والد العائلة شبه غائب عن بيته، يزوره مرة أو مرتين في الشهر، وليس لديهم من يعينهم. وبعد أن توطدت العلاقة عبر زوجتي وبناتي، بدأت الجارة «الأم» تطلب المساعدة: مرة للمستشفى، مرة للتسوّق، مرة لتوصيل الأبناء للمدارس والجامعة. حتى حين تقدّم بعض البنات للوظائف، كنت أوصلهن بلا تردد. اعتبرتهن كبناتي، وكنت أحتسب كل ذلك عند الله. "
ويتابع:
"وعندما توظفت إحدى البنات وامتلكت سيارة، سعدت لها. ولكنها كانت توقف سيارتها بطريقة تعيق باب الكراج. وبروح أبوية، قلت لها يومًا: يا ابنتي، لو تراعين الموقف حتى لا يزعج الآخرين.
فكان ردّها جارحًا وصادمًا، مليئًا بسوء الخلق، بلا أدنى تقدير، رغم أنني كنت أوصلها المدرسة والجامعة وساعدتها طوال بحثها عن عمل. "
ثم قال بحرقة:
"عدت إلى منزلي وأنا لا أكاد أصدق ما سمعت. سألتني زوجتي عن سبب تغيّر ملامحي، فلما أخبرتها غضبت واتصلت بوالدة الفتاة، لكن المفاجأة أن الأم ساندت ابنتها!
فقلت لزوجتي: فوضي أمرك لله، ولا تندمي على عمل خالص لله قدّمناه طوال عشرين عامًا. "
إن نكران المعروف هو واحد من أسوأ الأخلاق وأشدّها خطرًا على المجتمع، لأنه سلوك يقوم على الجحود وعدم الاعتراف بفضل الآخرين، ولو كان المعروف يسيرًا. وهو سلوك يهدم العلاقات، ويمزق الروابط الإنسانية والروحية، وقد يؤدي إلى زوال النعم وغضب الله سبحانه وتعالى.
وغالبًا ما يكون هذا السلوك نتيجة سوء التربية، وضعف الشخصية، والحسد والأنانية. وتتسم هذه الشخصية بأنها لا تعترف بفضل الآخرين عليها، بل قد تستثقل حتى قول كلمة طيبة في حقّ من أحسن إليها، وهو لون من البخل الأخلاقي لا يحمله إلا أصحاب النفوس الضعيفة والذميمة كفانا واياكم شر هذه الافة وشر اصحابها.
برعاية | مطعم ومطبخ قصر الربيع
📍 أم الحمام: 0138365622 - 0138363737
📍 القطيف «سوق الخميس»: 0544885567
📍 الجارودية: 0138525080
shorturl. at/qW6Ng
📌 لضمان وصول جميع الرسائل، تابع قناتنا العامة على واتساب:
🔗 https: //whatsapp. com/channel/0029Va96qG5HVvTZdeZSvk1D
📮جوال أم الحمام 🕊
للإشتراك أرسل ”اسمك الثنائي“
واتساب 📲
0545334968






