دَعي الوَجدَ يَجتابُ المُدى
دَعي الوَجدَ يَجتابُ المُدى حَيثُ أُلْهِبا
فَما عادَ في وُسْعِ الحِجى يَتَغَلَّبا
وَغُضِّي عنِ الأَيّامِ طَرْفَكِ إنَّها
صَدىً لِغُثاءٍِ كُلَّما طالَ أَسْهَبا
تَبُثُّ بِها الأَحزانُ مِن كُلِّ مَطْمَحٍ
كَأَنَّ بِها مِن كُلِّ زاويَةٍ صِبا
دَعي النّارَ يَشْتَدُّ اللَّظى في أُوارِها
فَلَنْ تُرْهِبَ النِّيرانَ حَتّى تُجَرَّبا
أَلُومُ الغَوادي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ
كَأَنَّ بِهِنَّ الأُنْسَ يَجْتاحُ مُعْجَبا
كَذَلِكَ فَقَدَ القَلْبُ رَيْعانَ سَعْدِهِ
كَصالِيَةٍ بِالجَمْرِ زِيدَتْ تَقَلُّبا
كَأَنَّ صَليلَ الفَقْدِ أَوْدَتْ نِصالُهُ
بِساقِيَةِ الأَحْلامِ مَغْنًى وَمَسْرَبا
وَقَد أُوقِظَتْ بالنَّفْسِ بُرْهانُ صِدْقِها
دَهالِيزُها الأَيّامُ شَرْقًا وَمَغْرِبا
هُنا تُظْهِرُ الأَيّامُ مِقْدارَ عَسْفِها
وَأَجْلَتْ سُطورُ العَيْشِ عُجْمًا تُعَرِّبا
قِفي ها هُنا فالأَمْرُ جِدٌّ وَأَزْمَعَتْ
لِشَدِّ رِحالِ الوَجدِ قَلْبٌ تَغَرَّبا
أَميطي عنِ الأَيّامِ لَوْمَكِ وَاعْلَمي
بَعيدُ انكِشافِ الرُّوحِ حُزْنًا تَقَرَّبا
وَعَيْنٌ بِها الأَحْزانُ أَيْقَظَتِ الرُّؤى
حَديدًا يٌزِيلُ الوَهْمَ أَنّى تَشَوَّبا
وَحُقٌّ لِقَلْبٍ أَسْكَنَ الفَقدَ وَجَدَهُ
بِحُزنٍ على ماءِ العُيونِ تَغَلَّبا
وَفي دَمْعِكِ المَسْفوحِ وِرْدٌ ذَكَرْتُهُ
تَعَهَّدْتُهُ بِالسَّقْيِ صُبْحًا وَمَغْرِبا
سَلامٌ على ذاكَ التُّرابِ وَمَنْ بِهِ
سَقَتْهُ الغَوادي ما بَقَى الدَّهْرُ صَيِّبا
حَنينًا لِماضِي الرُّوحِ أَجْتَذِبُ المُدى
وَأَصْبو لَعَلَّ الوَرْدَ يَدْنو لِأَشْرَبا
وَأَقْتاتُ مِن ماضٍيَّ عَيشًا تَرَكْتُهُ
وَما كُنتُ بِالقاسي عليهِ لِيَهْرُبا
وَلكِنَّ طِباعَ الدَّهْرِ في كُلِّ أَمْرِهِ
لَتَأْبَى مِنَ الأَيّامِ إِلّا تَقَلُّبا
فَخَفِّفْ مِنَ الأَحْمالِ فَالمَرْءُ راحِلٌ
وَلا تُبْدِ للأَيّامِ وَجْهًا مُقَطَّبا
✏️منصور يحيى
1446/11/08
2025/05/06